إعداد أخصائية التغذية: هناء نزال

من منا لايحب الخبز!! ومن منّا لا يحب رائحة الخبز وهو خارج من الفرن!!

الخبز هو بذرة الحضارة، وهومتأصل في العديد من الثقافات لآلاف السنين، فكيف يأتي أحدهم ليخبرنا أن رغيفاً ساخناً لذيذاً مصنوع من الحبوب الكاملة هو أمر سيء!!

بدأت القصة في أوائل القرن العشرين، حيث بدأ إنتاج الخبز الأبيض والمكرر، وسرعان ما أراده الجميع كذلك، حيث قاموا بتطوير عمليات فعالة لتجريد الحبوب من النخالة لجعل الخبز أكثر بياضاً، ثم قاموا بتعويض العناصر الغذائية المفقودة، ولكنهم ضحوا بالألياف!

في بداية القرن الواحد والعشرين، عادت الحبوب الكاملة للظهورمجدداً، حيث عاد الوعي بقيمتها الغذائية، ولكن ظهر نظام أتكينز، فوضع الناس في حالة ذعر من الكربوهيدرات. ليس الخبزهو السيّء، إنما حقيقة أننا نأكل الكثير منه؛ إن أسلافنا كانوا يكدّون ويتعبون طوال اليوم بأعمال شاقّة بدنيّاً تستلزم مصدراً للكربوهيدرات كمصدر طاقة أساسي للجسم، ولكننا اليوم لسنا بحاجة للكثير من السعرات مثلهم.

هل تحتوي الحبوب على المضادات المغذية؟!

هذه إحدى الحجج الشائعة ضد الحبوب بشكل عام، فما هي مضادات المغذيات؟ هي مواد في الأطعمة وخاصة النباتات تتداخل مع هضم وامتصاص العناصر الغذائية الأخرى، وهذا يشمل حمض الفيتيك والليكتين والعديد من الأنواع الأخرى. يمكن لحمض الفيتيك أن يربط المعادن ويمنعها من الامتصاص، وقد يتسبب الليكتين في تلف الأمعاء. ومع ذلك، من المهم أن تضع في اعتبارك أنها ليست خاصة بالحبوب فقط، بل توجد أيضًا في جميع أنواع الأطعمة الصحية، بما في ذلك المكسرات والبذور والبقوليات وحتى الفواكه والخضروات. إذا أردنا تجنب جميع الأطعمة التي تحتوي على مضادات المغذيات، فلن يتبقى الكثير للأكل!! كما أن احتواء الطعام عليها لا يعني أنه ضار، فعادة ما تفوق فوائد الأطعمة الكاملة الحقيقية الآثار الضارة لمضادات التغذية. كذلك يمكن أن تؤدي طرق التحضير التقليدية مثل النقع والتبرعم والتخمير إلى تدهور معظم مضادات التغذية.

تم إجراء العديد من الدراسات على الأنظمة الغذائية التي لا تحتوي على الحبوب، وهذا يشمل الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات ونظام باليو الغذائي. تتجنب حمية باليو الحبوب من حيث المبدأ، ولكن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات تقضي عليها بسبب محتواها من الكربوهيدرات. أظهرت العديد من الدراسات التي أجريت على الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات أن هذه الحميات يمكن أن تؤدي إلى إنقاص الوزن وتقليل دهون البطن وتحسينات كبيرة في مختلف المؤشرات الصحية، تعمل هذه الدراسات بشكل عام على تغيير العديد من العوامل في نفس الوقت، لذلك لا يمكنك القول أن مجرد إزالة الحبوب تسبب فوائد صحية، لكنهم يُظهرون بوضوح أن النظام الغذائي لا يحتاج إلى الحبوب ليكون صحيًا. من ناحية أخرى، هناك العديد من الدراسات حول حمية البحر الأبيض المتوسط والتي تشمل الحبوب (معظمها كاملة)، خلصت إلى أن للحبوب فوائد صحية كبيرة وتقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة. وفقًا لهذه الدراسات، يمكن أن تكون كل من الأنظمة الغذائية التي تحتوي على الحبوب أوالتي تستبعدها متوافقة مع صحة ممتازة.

أنواع الخبز

العشرات من الأنواع على رفوف المخابز، بعضها أكثر صحة من الآخر، بعضها غنيّ بالألياف والفيتامينات والمعادن، بينما يُصنع البعض الآخر من الحبوب المكررة ولا يُقدّم سوى القليل من حيث القيمة الغذائية، فيما يلي بعض أنواع الخبز المعروفة:

  • خبز القمح الكامل ١٠٠%: حيث تُطحن حبوب القمح الكاملة إلى دقيق مع الاحتفاظ بكل أجزاء البذور (النخالة، والبذور، والسويداء)، وهو مصدرأفضل للألياف وغيرها من العناصر الغذائية مثل فيتامين ب، والحديد، وحمض الفوليك، والسيلينيوم، والبوتاسيوم، والمغنيسيوم.
  • الخبز الأبيض المكرر: إنه مثل خبز القمح الكامل، باستثناء أن جميع العناصر الجيدة قد تم إزالتها، حيث يُطحن القمح لإزالة البذرة والنخالة، ما يمنحه قوامًا أفضل وعمر تخزين أطول. وبذلك تزيل عملية التكرير، الألياف والمعادن ومضادات الأكسدة الموجودة في النخالة، وكذلك تزيل البذرة الغنية بالعناصر الغذائية ومضادات الأكسدة والمغذيات النباتية المختلفة، وتحتفظ بالسويداء عالية الكربوهيدرات والسعرات الحرارية، مما يؤدي إلى ارتفاع سريع في نسبة السكر في الدم وبالتالي الجوع الشديد المرتبط بالسمنة والعديد من الأمراض.
  • خبز الشوفان: يصنع خبز الشوفان عادة من مزيج من الشوفان ودقيق القمح الكامل، ويعدُّ خيارًا صحيًا؛ حيث أنّه غني بالألياف والعناصر الغذائية المفيدة، بما في ذلك المغنيسيوم وفيتامين ب1 (الثيامين) والحديد والزنك، كما تساعد الألياف الموجودة فيه، والمعروفة باسم بيتا جلوكان على خفض مستويات الكوليسترول وتنظيم نسبة السكر في الدم وتقليل ارتفاع ضغط الدم. وجدت مراجعة لـ 28 دراسة أن تناول 3 جرامات أو أكثر من بيتا جلوكان الشوفان يوميًا أدى إلى انخفاض كبير في مستويات الكوليسترول الضار ومستويات الكوليسترول الكلية مقارنة بعدم تناول الشوفان، ووجدت الدراسة أيضًا أن تأثيرات خفض الكوليسترول لبيتا جلوكان في الشوفان كانت أكبر لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع مستويات الكوليسترول الأساسي، مع ذلك، لا يعني مجرد وجود “شوفان” أو “دقيق الشوفان” على الخبز أنه صحي، حيث تحتوي بعض الأنواع على كمية صغيرة فقط من الشوفان وهي مصنوعة في الغالب من الدقيق المكرر والسكريات المضافة والزيوت، ابحث عن الخبز الذي يحتوي على الشوفان ودقيق القمح الكامل كأول مكونين.
  • خبز الكتان: مصنوع أساسًا من دقيق الحبوب الكاملة وبذور الكتان ،هو أحد أفضل أنواع الخبز التي يمكنك تناولها؛ لأن بذور الكتان ذات قيمة غذائية عالية وتوفر عددًا من الفوائد الصحية، فهي مصدر ممتاز لحمض ألفا لينولينيك (ALA). وجدت مراجعة كبيرة لـ 27 دراسة أن تناول كميات كبيرة من ALA الغذائي ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب. تأكد من البحث عن خبز الكتان المصنوع من مكونات قليلة، مثل دقيق القمح الكامل و / أو دقيق الحبوب الكاملة والخميرة والماء والملح وبذور الكتان.
  • خبز الحنطة السوداء: يصنع دقيق الحنطة السوداء من الحنطة السوداء المطحونة، وهو نبات معروف ببذوره الشبيهة بالحبوب. على الرغم من اسمها، فإن الحنطة السوداء لا علاقة لها بالقمح وبالتالي فهي خالية من الغلوتين. يتميز دقيق الحنطة السوداء بنكهة ترابية ويستخدم في صناعة نودلز السوبا اليابانية التقليدية. إنه مصدر جيد للألياف والبروتين والمغذيات الدقيقة مثل المنغنيز والمغنيسيوم والنحاس والحديد والفوسفور. تظهر الأبحاث أن هذا الدقيق قد يقلل من نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري ويحسن المؤشرات الحيوية لصحة القلب، وقد يحتوي أيضًا على خصائص مضادة للسرطان ومضادة للالتهابات والبريبايوتكس وهي نوع من الألياف التي تغذي البكتيريا المفيدة في أمعائك ، والتي تدعم صحة الجهاز الهضمي.

كيفية اختيار الخبز الصحي

لاختيار الخبز الصحي ابحث عن العلامات التجارية التي تحتوي على:

  • 100٪ دقيق الحبوب الكاملة أو الدقيق المنبت كأول مكون ، مع مكونات أخرى محدودة
  • 3-5 جرامات من الألياف و3-6 جرامات من البروتين لكل شريحة
  • لا محليات(سكريات) مضافة
  • لا زيوت نباتية

أفضل طريقة للتأكد من اختيارك لخبز صحي هو صنعه بنفسك حيث يمكنك التحكم في المكونات. ضع في اعتبارك أنّ الخبز بشكل عام ليس مغذيًا مثل الأطعمة الكاملة الأخرى، حيث تحتوي الفواكه والخضروات والبقوليات والمكسرات وكذلك الحبوب الكاملة التي لم يتم طحنها في الدقيق ، عادةً على ألياف ومغذيات مفيدة أكثر من الخبز. علاوة على ذلك، يتم صنع العديد من الخبز باستخدام السكريات المضافة والزيوت النباتية، حيث أن الإفراط في تناول هذه المكونات يسبب الالتهابات المزمنة التي قد تؤدي إلى أمراض، بما في ذلك أمراض القلب . كما قد يحتاج بعض الأشخاص إلى تقليل تناول الكربوهيدرات، وبالتالي الحد من استهلاك الخبز، مثل مرضى السكري. مع ذلك، يمكن الاستمتاع بالخبز باعتدال – كجزء من نظام غذائي متوازن يتضمن مجموعة متنوعة من الأطعمة المغذية الأخرى.

نصيحة أخيرة،

إذا كنت تحصل على الكثير من الحبوب الكاملة والألياف من مصادر أخرى، فلن تؤذيك شريحة من الخبز من حين لآخر، وإذا كنت تحب الحبوب وتشعر بالرضا عن تناولها، فلا يبدو أن هناك أي سبب وجيه لتجنبها طالما أنك تتناول الحبوب الكاملة في الغالب. من ناحية أخرى، إذا كنت لا تحب الحبوب أو تجعلك تشعر بالسوء، فلا ضرر من تجنبها أيضًا؛ إذ لا توجد فيها عناصر غذائية لا يمكنك الحصول عليها من الأطعمة الأخرى.

ما مقدار الخبز المناسب للأكل؟ وفقًا للإرشادات الغذائية الأمريكية ، يجب ملء نصف طبقك في وقت الوجبة بالفواكه والخضروات، وربعه بالبروتين، وبذلك فقط ربع طبقك حبوب كاملة – والخبز هو مصدر واحد فقط من الحبوب. مثلاً، إذا قمت بتعبئة طبقك بالمكرونة وأضفت قطعة خبز، فسوف تأكل كمية من الحبوب أكثر مما يحتاجه جسمك، أي سعرات حرارية غير ضرورية سيخزنها جسمك على شكل دهون. بالإضافة إلى ذلك ، إذا كنت تتناول الخبز الأبيض المكرر بدلاً من الحبوب الكاملة، فستحصل على قدر ضئيل جدًا من القيمة الغذائية مقابل كل هذه السعرات الحرارية. كما أشجعك على تجربة خَبز الخبز الخاص بك، إنها طريقة رائعة للتأكد من أن خبزك يحتوي على مكونات صحية عالية الجودة فقط.

وصفة صحيّة لتحضير خبز القمح الكامل في المنزل

المقادير:

  • ثلاثة أكواب دقيق القمح الكامل مع النخالة
  • نصف ملعقة صغيرة من الملح
  • نصف ملعقة صغيرة من الخميرة
  • ماء حسب الحاجة

طريقة التحضير:

  • نقوم بتنخيل الدقيق، ثم نضيف الملح والخميرة، ثم نضع الماء تدريجياً مع العجن المستمر إلى أن تتشكل عجينة لينة، ندهنها ببضع قطرات من زيت الزيتون حتى لا تجف، ثم نتركها لتختمر ويتضاعف حجمها، بعد أن تختمر نقسِّم العجينة ونكورها، ثم نتركها ترتاع بضع دقائق، ثم نبدأ برقّ واحدة واحدة إما باليد أو بمَرقّ العجين. ثم نضعها على مقلاة بدرجة حرارة متوسطة بضع ثواني ثم نقلبها ونستمر بالتقليب إلى أن تبدأ بالانتفاخ ثم ننتظر إلى أن تنتفخ كليّاً وتصبح رغيفاً شهيّاً. وبالصحةِ والعافية 😊

المراجع