صحة أسنان طفلك تحتاج اكثر من الفرشاة والمعجون
2022-08-20

صحة أسنان طفلك لا تقتصر على الفرشاة والمعجون-ولكن!

By Nourlhuda Awais

صحة أسنان طفلك لا تقتصر على الفرشاة والمعجون-ولكن! إعداد د.نور الهدى عويص طبيبة أسنان وتغذية أطفال .

تدقيق: أخصائية التغذية ايمان كسبي

الاهتمام بأسنان طفلك يتطلب جهوداً أكثر من مجرد فحوصات الأسنان العادية ، وتنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط ,فهي تبدأ بتقديم نظام غذائي جيد من حيث غناه بالعناصر الغذائية ومن حيث قوامه وذلك منذ الأيام الأيام الأولى لطفلك.

في هذا المقال سنتعرف على العادات الغذائية التي تضمن تطور صحي وسليم لأسنان وفكي طفلك.

الرضاعة الطبيعية

الرضاعة الطبيعية تعود بفائدة مزدوجة بالنسبة لصحة أسنان طفلك , دعيني اشرح لكِ ذلك بالتفصيل.

1. الرضاعة الطبيعية تعزز نمو الفك والأسنان بشكل مثالي من خلال تمرين عضلات وجه الطفل.

فالطريقة التي يستخدم فيها الطفل عضلات وجهه وفكيه العلوي والسفلي من اجل الضغط على الثدي لاستخراج ومص الحليب, هي بمثابة تمارين تقوية للفكين والعظام والعضلات الوجهية (هناك أكثر من 21 عضلة يستخدمها الطفل أثناء الرضاعة ) مما يعزز نمو الفكين والمفصل الصدغي الفكي .

نتيجةً لذلك فإن الرضاعة الطبيعية تعزز الإطباق الصحيح ( وهي علاقة الفك العلوي مع السفلي )وهذا له أهمية كبيرة على صحة أسنان الطفل ( من حيث ارتصاف الأسنان ومن حيث قابلية أقل للنخور ) وكلما زاد تواتر إرضاع الأم لطفلها كلما كان التأثير الإيجابي أفضل. بالمقابل هناك دراسات تثبت أن التوقف المبكر عن الرضاعة الطبيعية قد يؤدي إلى عدم كفاية نشاط العضلات القحفية الوجهية وصغر في حجم الفك العلوي، مما يساهم في سوء الإطباق مستقبلاً عند الطفل وبالتالي الحاجة للمعالجة التقويمية.

2. الرضاعة الطبيعية عامل وقاية تجاه نخور أسنان الأطفال

تشير الأدلة إلى أن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية لديهم مستويات أقل من تسوس الأسنان من أولئك الذين يتغذون على حليب الأطفال, وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO) في يناير 2020 .

وذلك لأن السكروز (السكر الموجود في الحليب الصناعي والأطعمة الغنية بالسكر) مرتبط بزيادة القابلية لنخور الأسنان . بينما اللاكتوز (الموجود في حليب الثدي) فهو يتفكك إلى إلى جلوكوز وجلاكتوز بتأثير إنزيم اللاكتيز في الأمعاء ، وليس في الفم ، ,وقد وُجد أنه ذو قابلية أقل على التسبب بنخور الأسنان.

بالإضافة لغِنى حليب الأم بمضادات البكتيريا ، والإنزيمات والأجسام المناعية مثل الغلوبولين المناعي الإفرازي (IgA و IgG) ، جميع هذه المكونات ( التي توجد بشكل طبيعي في حليب الأم ) تعمل كعوامل وقائية تجعل الطفل الذي يرضع من الثدي أقل عرضة للإصابة بتسوس الأسنان .

ولكن طبيب طفلي نصحني بالتوقف عن الرضاعة الطبيعية ليلاً بعد السنة الاولى لمنع نخور الأسنان, فهل هذا صحيح؟

عزيزتي الأم كوني أكيدة بأن الدراسات والمُشاهدات والوقائع تُثبت أن المشكلة تكمن في مُمارسات التغذية التكميلية الخاطئة بعد إدخال الطعام للطفل وإهمال الاعتناء بالأسنان اللبنية وليس في حليب الرضاعة الطبيعية !

أمثلة على بعض المُمارسات الغذائية الخاطئة التي تزيد خطر نحور أسنان الأطفال:

  • تقديم الحليب الصناعي للطفل باستخدام الزجاجة.
  • تقديم عصير الفواكه للأطفال باستخدام الزجاجة.
  • تذوق الأم طعام طفلها بنفس ملعقته, فهذه المُمارسة قد تتسبب في انتقال جراثيم S. mutans المُسببة للنخور من البالغين للأطفال .
  • تقديم طعام غني بالسكريات المُكررة, كالسيريلاك وأغذية الأطفال التجارية مثلا.
  • عدم الاهتمام بأسنان الطفل بعد بزوغها.

هذه بعض الأمثلة التي قد تؤذي أسنان طفلك ، مما يجعل الفطام الليلي حلاً غير ذي صلة للمشكلة.

قوام الطعام

لكي يتطور فكي طفلك بشكل صحيح ، يتطلب الأمر إجهادًا لمضغ الطعام القاسي,وسأشرح لكِ ذلك.

الناس في الماضي اضطروا إلى مضغ اللحوم وتمزيقها بأسنانهم فكان ذلك بمثابة تحفيز للعضلات والعظام الوجهية بما فيها عظم الفك السفلي لتنمو وتتسع . بينما عندما أصبح طعامنا أكثر ليونة ، لم نعد نستخدم الكثير من قوة المضغ ، مما تسبب في أن صغر عظام الفكين وبالتالي ازدحام أكثر للأسنان.

وهذه أحد التفسيرات لازدياد عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء الإطباق ( العلاقة غير الصحيحة
بين أسنان الفك العلوي والفك السفلي) وازدياد الحاجة للمعالجة التقويمية في أيامنا هذه مقارنةً لما كانت عليه في الماضي.

طبعاً هذه ليست دعوة للعودة إلى مُمارسات اهل الكهف!

صغر حجم الفك وازدحام الأسنان اليوم مقارنة مع حجم الفك في الماضي
صغر حجم الفك وازدحام الأسنان اليوم مقارنة مع حجم الفك في الماضي

حسناً ما الحل إذاً ؟

تقديم الأطعمة الصلبة ( التي يصعب مضغها ) بما يتناسب مع عمر طفلك وخبرته وعدم الاقتصار على الأطعمة اللينة والسكرية بشكل كامل,دائماً التوازن هو الحل.

وهنا انتِ أمام خيارين:

  • أولاً التدرج التقليدي بقوام الطعام (وهنا يجب التأكيد على استبعاد استخدام الخلاط الكهربائي من أجل طحن طعام طفلك حتى يصبح بقوام سائل , وإنما قومي بطحن الطعام بحيث يبقى خشن وذو حبيبات, ثم قللي الطحن بالتدريج .
  • ثانياً تقديم طعام الأصابع بدءاً من عمر 6 أشهر ( كشرائح الجزر او الخيار المُقطعة بشكل يتناسب مع عمر الطفل) ليتناولها بمفرده وبالتالي تطوير قدرات المضغ لديه بشكل أفضل.
تطعام الأصابع  يعتمد على الطفل ليقوم بطحن الطعام بنفسه
طعام الأصابع يعتمد على الطفل ليقوم بطحن الطعام بنفسه

يمكنك قراءة مقال كيف أساعد طفلي على تناول أطعمة جديدة؟ Baby new food

تشمل الأطعمة التي يمكن تقديمها منذ بدء التغذية التكميلية لطفلك : الفواكه والخضروات النيئة,قطع اللحم القاسية والتي تتطلب المضغ, ولاحقاً بعد تطور منعكس البلع بشكل جيد عند الطفل ( بين سن الرابعة والخامسة ) يمكن تقديم البوشار والمكسرات أيضاً.

فنمو الفكين وتأثير تناول الأطعمة الصلبة يمتد حتى سن 17 عام تقريباً. وبالتالي التركيز ليس فقط على السنوات الأولى من عمر طفلك بل في جعل هذه المُمارسات نمط تغذية مدى الحياة لما لها من إيجابيات على صحة الأسنان وتطور الفكين .

تقديم طعام صعب المضغ ينعكس بحسنات أخرى كثيرة على أسنان طفلك :

  • مضغ الأطعمة الصلبة مفيد لصحة الأسنان. فالأطعمة الصلبة ( كالجزر والكرفس والتفاح ) تتطلب مزيدًا من المضغ ، مما يحفز إنتاج المزيد من اللعاب. اللعاب بدوره يقتل بكتيريا الفم الضارة ، ويعادل الأحماض المؤذية للأسنان الناتجة عن تناول الطعام، ويزود الأسنان بالمعادن التي تساعد في الحفاظ على صلابتها. لذلك حاولي دائماً تقديم هذه الأطعمة في نهاية وجبة طفلك ( قدميها له كشرائح في نهاية كل وجبة).
  • تحسين قدرة الطفل على التحدث لاحقاً, فالكلام يستخدم فيه الطفل العديد من العضلات والعظام والبنى الوجهية. فكلما تمرّن طفلك على استخدام هذه الهياكل ، كلما كانت سيطرته عليها أفضل .
  • في كل مرة يمضغ طفلك ، يتسبب هذا الضغط في تعزيز عوامل النمو في الخلايا العظمية في عظم الفك .وهذا بدوره يزيد من حجم وقوة عظام الفك والذقن و إلى تحديد عظام الخد بشكل أفضل.
  • كما ذكرنا في الأعلى هذه الأطعمة تُساهم في توسيع قوس الأسنان ,علماً أن هذا التأثير يمتد حتى سن 17 عام تقريباً.
  • كذلك تذكر بعض الدراسات الإحصائية أن الأفراد في البلدان النامية تتطور لديهم عضلات فك قوية وأقواس أسنان أوسع نتيجة لتناول أطعمة أكثر صلابة بعد ظهور أسنانهم واستمرارهم في الرضاعة الطبيعية لفترات أطول .
تأثير قوة المضغ على نمو الفك عند الأطفال.
تأثير قوة المضغ على نمو الفك عند الأطفال.

الخلاصة

أخيراً تذكري أن الاعتناء بأسنان طفلك يبدأ منذ تواجده في رحمك وذلك بالاهتمام بتغذيتك , ثم بالحرص على إرضاعه رضاعة طبيعية من أجل تقوية عظام الفك وتعزيز مقاومة النخور , ولاحقاً بتقديم أطعمة صعبة المضغ لما لها من دور أساسي في تطوير البنية الوجهية والأسنان .

وتذكري أن تطور إطباق صحي وسليم عند طفلك يعني صحة أسنان أفضل وارتصاف أجمل .

في نهاية المقال أتمنى لطفلك حياة ملؤها الصحة والعافية, وأسنان قوية وجميلة.

قد يهمك أيضاً تغذية الرضع

وصفات سناكات صحية للأطفال

المراجع العلمية

1.مراجعة منهجية بعنوان Relationship between Breastfeeding and Malocclusion على موقع NIH

2.مراجعة منهجية بعنوان Factors That Modify Risk of Early Childhood Caries على موقع NIH

3.دليل منظمة الصحة العالمية بعنوان Ending Childhood Dental Caries على موقع  World Health Organization

4.دراسة بعنوان Association of feeding behavior with jaw bone metabolism and tongue pressure على موقع NIH

5.مقالة بعنوان jawbone structure responds to forceful chewing على موقع جامعة  Tokyo Medical and Dental University.