2020-07-05

الزبدة والسمن الطبيعي.. مفيدان أم ضاران؟

By Eman Kasabi

الزبدة والسمن الطبيعي.. مفيدان أم ضاران؟ إعداد أخصائية التغذية: ايمان كسبي

اعتاد أجدادنا استخدام الزبدة والسمن الطبيعي في طعامهم بشكل أساسي سواء بالتناول المباشر أو في الطهي. لكن مع انتشار الدراسات والأبحاث في ستينيات القرن الماضي وما بعدها أصبحت التوصيات العالمية تحذر منهما باعتبارهما دهون ضارة و من المسببات الرئيسة لأمراض القلب و الشرايين. و تبع ذلك توجه عام بالتحذير من استهلاك هذه الأنواع من الدهون.

للمزيد يمكنكم قراءة مقالنا السابق: من هو المذنب؟ الدهون أم السكر؟ والدراسة العلمية المشبوهة

في الاونة الأخير ظهرت دراسات جديدة و أبحاث معتبرة تبرئ هذه الدهون من أن تكون المسبب لأمراض القلب و الشرايين. فأصبح الناس في حيرة من أمرهم بشأن الزبدة والسمن الطبيعي!

كيف ظهرت التوصيات الصحية بهذا الخصوص؟

في ستينيات القرن الماضي تم نشر دراسة كان لها صدى قوي في العالم والمنظمات الصحية أظهرت ارتباط الدهون بأمراض القلب والشرايين، وبخاصة الدهون المشبعة وهي شكل من أشكال الدهون الصلبة (أي الزبدة والسمن اللذان نتحدث عنهما في هذا المقال).

انطلاقا من هذه الدراسة تم اعتبار الدهون المشبعة سبب رئيسي لأمراض القلب والشرايين. وتوالت الدراسات والأبحاث بعدها تدعم هذه الدراسة بطريقة أو بأخرى. ولذا كانت التوصيات الصحية من وزارة الزراعة الأمريكية وغيرها من المؤسسات الصحية في العالم ولا زالت إلى الآن توصي بتقليل تناول الدهون المشبعة (الزبدة والسمنة ودهون اللحوم وزيت جوز الهند ودهون الحليب ومنتجاته كاملة الدسم) وتوصي باستبدالها بالزيوت الأخرى.

و من الجدير بالذكر أن وزارة الزراعة الأمريكية بالتعاون مع وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية تقوم كل 5 سنوات بالاطلاع على آخر المستجدات في علم التغذية والدراسات والأبحاث والاعتماد عليها بإصدار مجموعة توصيات لحياة صحية أفضل.

لنعد لقليل من التفصيل العلمي 👩‍🏫⁩

ما الذي يحصل حقيقة في الجسم عند تناول الزبدة والسمنة؟

إن تناول الزبدة والسمنة (الدهون المشبعة) يرفع مستوى الكولسترول في الدم. وهنا النقطة المحورية لفهم هل هما ضاران فعلا أم لا.

في البداية لا بد من فهم ما هي وظيفة الكولسترول في الجسم؟!
يعتبر الكولسترول مهمًا للحفاظ على تكامل وسيولة أغشية الخلايا وبخاصة خلايا عدسة العين . كما يعتبر مادة أساسية لتصنيع مواد حيوية أساسية لأعضاء الجسم المختلفة مثل الهرمونات المنشطة وأحماض المرارة فيتامين د.

والآن لو رجعنا لآلية تصلب الشرايين فهو يحدث بداية من وجود تلف أو جرح في الطبقة الداخلية للشريان. وهذا التلف له أسباب عديدة، ثم يحدث أن تتراكم خلايا الدم ومواد أخرى على هذا الجرح ومع مرور الوقت تتراكم جزيئات دهنية تتكون من الكولسترول ومواد أخرى وتسبب تصلب للشريان وانغلاق جزئي أو كلي له مما يعيق وصول الدم المحمل بالأكسجين والغذاء للعضو المرتبط بهذا الشريان، فإن كان القلب فيسبب الجلطة القلبية وإن كان الدماغ فيسبب الجلطة الدماغية.

وقد كان معروفًا أن مجرد وجود نسبة مرتفعة من الكولسترول في الدم تؤدي إلى ترسب الكولسترول على جدران الشرايين. ثم تبين أن هذا غير صحيح، ولكن السبب الرئيسي فعلا هو وجود التهابات خفيفة بجدران الشرايين عند الناس تختلف بحسب أعمارهم وطبيعة حياتهم. وقد تؤدي هذه الالتهابات إلى إضعاف الشرايين أو حتى تمزقها ومن ثم تتراكم الترسبات الغنية بالكولسترول لتغلق التمزق كإجراء طبيعي لصيانة الأنسجة. فإذا كان التمزق كبير قد يكبر حجم الترسبات مما يعيق تدفق الدم ويحدث ما تحدثنا عنه.

إذًا الكولسترول بحد ذاته لا يمكن اعتباره سبب رئيسي وحيد لتصلب الشرايين. بل لا بد من النظر إلى أسباب الالتهابات التي قد تحدث للشرايين مثل ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم، ارتفاع السكر في الدم نتيجة مقاومة الانسولين أو السكري، السمنة، التدخين، التهابات من أمراض أخرى مثل التهابات المفاصل أو حتى أي التهاب اخر.

هل يوجد دراسات أثبتت عدم علاقة الدهون المشبعة بأمراض القلب والشرايين؟

نعم!

ففي دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية عام 2010 لمجموعة من الناس بلغ عددهم347,747 مع متابعة لمدة 5-23 عام تبين عدم وجود علاقة بين تناول الدهون المشبعة وزيادة خطر أمراض القلب التاجية والجلطات الدماغية وأمراض القلب والشرايين.

وفي بحث نشر على مجلة Lancet كان نتيجته مفاجئة، فبعد متابعة لمدة عشر سنوات لمجموعة من كبار السن تبين أن معدل الوفاة يقل 15% لكل زيادة 1ملي مول/لتر كولسترول كلي بالدم

رأيي كأخصائية تغذية بتناول الزبدة والسمن الطبيعي

لا بأس بتناول الزبدة والسمنة الطبيعية وخاصة إذا اتبع الشخص نمط حياة صحي مثل ممارسة الرياضة وتقليل عوامل الالتهابات كالتوتر وتناول السكريات والامتناع عن التدخين.

بل على العكس لا ينصح أبدا باستخدام بدائل الزبدة والسمنة مثل السمنة النباتية المهدرجة والزيوت المهدرجة عموما لما لها من أخطار صحية.

وأجدادنا كانوا يعتمدون على مصادر الطعام الطبيعية غير المصنعة وهذا هو الأصح.. فالزبدة والسمن الطبيعي أفضل من الزيوت المكررة المصنوعة بيد الانسان.

ومن المفيد جدا الاعتماد على بعض الزيوت الصحية مثل زيت الزيتون وزيت السمسم لكن يفضل عدم تسخينها والاقتصار على تناولها باردة مع السلطات أو كجزء من الصلصات الباردة.

وللمزيد عن الزيوت النباتية بإمكانكم قراءة مقال الزميلة هناء نزال: أي الزيوت النباتية الأفضل للطهي؟!